الاثنين، 12 نوفمبر 2018

قميص وردى و أوراق برتقالية


للخريف جو ممييز حقاً يميزه عن باقى الفصول ، ولا أرى داعى لربط بعض الناس الخريف بالكآبه
فمثلاً الخريف لا يعلن عن نفسه فجأة وإنما يتمهل لتدرك فى النهاية أنه قد عاد.

فقط الآن تستطيعى أن تفتحِ كل نوافذ بيتك دون قلق من أشعه الشمس الحارقة لتجديها هناك تنظر إليكِ بخجل معتذرة عن حضورها القوى خلال الصيف متحججة بأن البعض يحبون ذلك
فتبادليها النظرات من خلف الستائر البيضاء و تبتسمى لها فى حنان مبالغ قائله أنكِ لا تكرهيها بالفعل ولكنكِ تحبى وجودها فى الخريف كصديقة حميمة وليس كمتسلطة
ترى أنكِ تصالحتى معها الآن فتلوحِ لها فتبادلك التحية بالأشعة الخفيفة الدافئة.
فى الخريف فقط تقررى أنه لا حاجة للمزيد من أكواب اللبن المثلجة وعصائر الفاكهه الباردة وتستبدلى هؤلاء تلقائياً بكوب من اللبن بالقرفة أو القهوة
كذلك لا حاجة للعطور فأنتِ تريدين حتماً أن تستمتعى برائحة الهواء التى لا تعرفى بالتحديد إن كان دافئاً أو بارداً.
تحاولى فتح خزانة الملابس فتدركى أنه لا حاجة كذلك للألوان الصارخة وأنك تكتفى بالملابس المعتدلة بدرجات البنى والوردى والبرتقالى والأزرق ومع ترتيب كل قطعة فى الخزانة تتخيلى كل مرة ترتدى فيها كل شئ منهم ، كيف تبدين؟ هل ما زالت الملابس تناسبك؟
تقررى تأجيل القميص الوردى ذو الأكمام الطويلة ليوم لقائه 
الآن تنتهى من ترتيب الخزانة وتعودى للمطبخ من جديد ولكن لتحضير كعكة الفانيليا هذة المرة ، ربما مع كوب أخر من اللبن
تستمعى لأغنيات أخترتها بنفسك 
تشعرك رائحة الفانيليا بالإمتنان لكل شئ و تقررين أن كعكة البرتقال تناسب الشتاء أكثر
تعودى للنافذة للإسترخاء مستمتعة برائحة الهواء والكعكة واللبن و...؟ والسرحان!!!
قبل البدء فى تناول الكعكة تدركين أن الجو العام يحتاج لبخور برائحة التفاح فتشعلى عوداً وتعودى للنافذة مرة أخرى
فى فصل الخريف فقط تنسحب الموسيقى الصاخبة و رحلات الشواطئ والسيارات المسرعة و طلاء الأظافر الأحمر والبطيخ!  ليفسحوا المجال لشوارع شبه خالية و أغانى فيروز و النزهات القصيرة سيراً على الأقدام و طلاء الأظافر النحاسى والوردى و إلتهام البطاطا ، فالخريف يمهلك الوقت للتفكير وإعادة تشكيل كل شئ حولك
تنتهى من تناول الكعكة واللبن و تنظرى عبر النافذة للشارع الهادئ قبل غروب الشمس بنصف ساعة ، تودعيها وتطلبى منها أياماً أخرى كتلك ، ليس باردة تماماً وليست حارة كذلك
تنظر لكِ و تعدك بذلك لفترة قصيرة قادمة فقط متحججة بأنها لا يمكن أن تأخد موقفاً واحداً طوال العام و تغيب مسرعة.
تتأملين الآن السماء الوردية قبل أن تظلم ، يتطاير شعرك الأسود بعيداً إثر نسمة هواء مفاجأة كالقضمة الأولى من كعكة الفانيليا 
تحلمين وتحلمين 
نحن نسير معاً الآن متشابكى الأيدى ونخطو خطوات واسعة بمرح فى طريق طويل ممهد تَحُفه من الجانبين أشجار بأوراق برتقاليه وخضراء فاتحة 
أنا و أنت ... فقط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق