الأحد، 6 أكتوبر 2019

عن الكتابة و الرسم و الحياه !


أؤمن بشكل شخصى أن كل معرفة و كل خبرة إيجابية نمر بها فى حياتنا تساعدنا فى فهم الحياه بشكل أفضل و بمعنى شمولى أكثر
و إذا دققنا النظر نجد أن الهوايات تساعدنا فى تذوق جمال الحياه و التعبير عما نراه من جمال فيها عموماً ، و بإختلاف الهوايات يرى كل منا الحياه بشكل مختلف
فنجد مثلاً من يهوى الرسم يركز على التفاصيل الصغيرة فى لوحته الفنية و نجده كذلك يدقق فى تفاصيل الحياه بإعتبارها إحدى اللوحات الفنية ربانية الصنع
كما نجد من ألوان اللوحة الفنية ما يتشابه مع ألوان الحياه و المشاعر المختلفة التى تتمكن منا فى بعض الأوقات كالسعادة التى تشبه البرتقالى و الغضب الذى يشبه الأحمر و الإبتهاج الذى يشبه الأزرق و الإحباط الذى يشبه الأسود (مع اعتذارى)

و قد جربت أن اهوى الرسم فى سن صغير كأغلب الفتيات بإعتباره الهواية الأكثر رقة و يمتلك اصحابها ذوق فنى عالِ
إلا أننى ادركت بعد ذلك أن حب شئ لا يحتاج إلى جهد و وقت كما فعلت ، فإما أن تحب شيئاً من الوهلة الأولى أو تعتبره عادياً بالنسبة لك لا يشكل القيمة الأعلى و الشغف فى حياتك

أما الوقت و الجهد فستحتاج إليهما لتتقن ما تحبه أصلاً و ليس لتحب شيئاً من الصفر!

أيقنت بعد ذلك أن الكتابة هى الهواية المُفضلة عندى فقد أحببتها بلا جُهد فعلاً و قد كانت البداية حينما كتبت أول قصة قصيرة فى عمر التاسعة ، كانت عن حوريات البحر ، فعندما علمت بأمر حوريات البحر فى هذة السن لأول مرة و أردت أن أصدق - كأى طفلة - أنها حقيقة وليست خيال ، قررت الكتابة عنها و ليس رسمها !!
و هذا ما أعنيه بالضبط بحب الشئ دون جهد و جعلها الإختيار الأول تلقائياً ، فلا أعلم بذلك هل أخترت الكتابة أم أختارتنى الكتابة؟!

و قد أثارت هذة القصة إعجاب و إندهاش البعض ، فكيف لطفلة صغيرة أن تكتب قصة و حبكة و نهاية بهذة السلاسة !
بغض النظر عن اللغة الركيكة التى كتبت بها حيث أننى كنت جاهلة بقواعد اللغة فى مثل هذا السن بطبيعة الحال إلا أننى شعرت بتوافر معايير الكاتب فى نفسى و قد شجعتنى أمى على تنمية هذة الموهبة.

فإذا كانت الألوان تبحث عن لوحة خالية لتعطيها المعنى و القيمة و الجمال ، فالكلمات كذلك تبحث عن الورقة البيضاء التى تُعطيها نفس المعنى و الجمال و القيمة من جهة أخرى.
فالكلمات ابنه الكاتب كما هى الألوان ابنه الرسام وكلٍ يحب بناته و يريد ظهورهم بأحسن شكل ممكن!

على أن الكتابة ارتبطت بالقراءة منذ قديم الأزل ، فطالما أحببت الكتابة أحببت القراءة بطبيعة الحال لأن الكاتب الجيد يحتاج إلى الكثير من الخبرات و الحيوات التى يحيياها بين صفحات الكتب ليقرر ما يكتب عنه بالضبط و يهب للصفحة البيضاء إحساسه ليخرج لنا مقال أو قصة أو رواية فى صورة جيدة.

و لكننى أدركت فى وقت ما أنه ليس علىّ أن أقرأ لأكتب فى الحال ، لأن من يقرأ أو يسمع عن موضوع ويكتب عنه ليس بكاتب و إنما هو ناقل للمعلومات و الأخبار ، حينها سيكون الأفضل له الإهتمام بالصحافة و نقل الأخبار
فالصحفى عليه أن ينقل الحقيقة و الأحداث كما وقعت بالضبط.
أما الكاتب يحتاج للقراءة ليخزن الأفكار و يفكر فيها ، فيرفض بعض ما يقرأه و يقبل بالبعض الأخر و له حرية أن يضيف رأيه فى كل شئ بل و يقارن ما مر به من خبرات مع ما قرأه لينتج عنه مقال أو كتاب فريد من نوعه.

أما القارئ فليس عليه أن يحب الكتابة ، لأنك لو كنت تقرأ لتكتسب الخبرات فليس عليك التعبير عن شعورك بالكتابة
قد تعبر عن شعورك بعد القراءة بالرسم أو النحت أو العزف مثلاً !
فالقراءة فى ذاتها ليست هواية ، إنما هى مادة خام تُعطينا الشعور و الخبرات أما الهوايات الأخرى هى ما تعطينا الفرصة الثمينة لإبراز هذا الشعور.

هناك تعليقان (2):

  1. ده من أروع مقالات المدونة بجد حاجة عظمة

    ردحذف
    الردود
    1. تسلمي حقيقي شكرا جدا
      انا متأثرة بأسلوب عباس العقاد جدا

      حذف