دائماً ما كنت أسمع أنه لا يوجد شخص مثالى أبداً و أن لكل منا عيوب و مميزات ، و لم أدرك تماماً معنى هذة العبارة إلا عندما كبرت و تعاملت مع الكثير من الناس فوجدت فيهم خليط من الصفات المُحببة و المنفرة على حد سواء و وجدت فى أشخاص آخرين صفات أفضل أو اسوأ.
و بالنظر إلى النفس البشرية و ما تحمله من تعقيدات فلا يمكننا أن نحكم على شخص بعينه بشكل نهائى لأن النفس البشرية معقدة و مختلفة من شخص لأخر وفقاً لطريقة نشأته و ما مر به فى حياته و أسرته و البيئة التى نشأ فيها.
إلا أننى أرى أننا نعيش فى عصر إستهتار جماعى ولا شك فى هذا . عصر اختلط فيه الصواب بالخطأ و يقول البعض أن الحرام و الحلال اختلطا كذلك مع أننى أرفض هذا و أرى أن هناك فروق بينهما لا جدال فيها كالفرق بين الخيط الأبيض و الخيط الأسود.
و بناءاً على ما نرى من جنون فى هذا العالم و تداخل المفاهيم و إعتياد أكثر الناس على الأفعال الخاطئة بإعتبارها طبيعية تماماً بحجة أن أغلب الناس تفعل هذا ، نرى محاولة كارثية لتخدير الضمير و الفطرة الإنسانية الصالحة.
تأتى أفضل محاولات تنويم الضمير عن طريق التحجج بأن أغلب الناس تفعل هذا فلا بأس أن أفعل هذا أنا ايضاً
على سبيل المثال : أغلب الناس حالياً تسب بعضها البعض بأفظع الشتائم بحجة أن هذا رائج بين الشباب على سبيل المزاح هذة الأيام و إذا قمت بالمثل فلن يجدنى الناس غريباً
أو أن أقوم بمخالفة أمر من أوامر الدين لأن أغلب الناس تقوم بنفس الشئ بإعتبار أن الإلتزام بمثل هذة الأشياء أصبح (موضة قديمة)
و من هنا نستشف أن الإنسان يثبت لنفسه و للآخرين كل يوم أنه مستعد لأى عمل غير أخلاقى أو غير آدمى إذا وجد ان الجموع يفعلون نفس الشئ ، المهم هنا ألا يكون وحيداً حتى لا يبدو غريباً و فى النهاية (الجموع غالباً على حق!!)
و هنا تتلاشى فوراً صورة الإنسان المتحضر ، أو قل صورة الإنسان! ، فطالما لا أبدو غريباً بين الناس فلا بأس فى فعل أو قول أى شئ.
عندما فكرت فى كل هذا و فى كل ما يطرأ على الناس من حولى ، قررت إعادة تقييم نفسى وفقاً لصورة الإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، و أقصد هنا الإنسان الخلوق الذى يحمل فى قلبه قدراً كبيراً من الرحمة و الإنسانية و الوفاء و الحكمة . الإنسان الصديق الصادق الذى ينصح غيره و يكون صادقاً فى نصحه مع نفسه قبل أن يكون صادقاً مع الآخرين.
عندما قررت هذا مؤخراً و بدأت فى تطوير نفسى وجدت أن أغلب من حولى لا يتفقون معى و قرر الجميع فجأة أننى تغيرت و لم أعد مثلهم
و هذا يعيدنا للجزء الأول من الموضوع ( لا يسعى الإنسان لأن يكون مثالياً و لكنه يسعى أن يكون مشابهاً لجماعته و مجتمعه قدر الإمكان ! ) و بالطبع أنا أرفض هذا تماماً خصوصاً بعدما فكرت أن أقترب من صورة الإنسان المثالى كما قلت حتى لو كان هذا مخالفاً للمجتمع
و فى لحظات ضعفى أفكر أحياناً إذا ما كنت على صواب و هل علىً أن أصبح مثل باقى أفراد المجتمع حتى لا أصبح وحيدة؟
و لكننى أدركت - و أنا شاكرة لهذا - أنه لا يوجد شخص مثالى بالفعل و لكن من قال أن المثالية هدف؟!
إن المثالية فى رأيى ما هى إلا وسيلة يستخدمها الإنسان ليطور فى نفسه ليصل لصورة أفضل و عليه ألا يتوقف أبداً عن محاولة كونه مثالى بقدر الإمكان
إذا كان المثالية وسيلة فما هو الهدف؟
الهدف هو الإرتقاء الحقيقى للنفس البشرية و التحكم فى الغرائز الحيوانية التى يمتلكها الإنسان بطبيعة الحال و الوصول إلى صورة الإنسان الذى يحمل قدراً كبيراً من الرحمة و الوفاء و الحكمة كما قلت سابقاً لأن هذا هو التطور الحقيقى الذى يضاف للشخص و يجعله إنسان ليس التقدم التكنولوجى فقط
و بالرغم من أن الإنسان لن يصل أبداً لقمة المثالية إلا أن محاولاته المستمرة سوف تجعله شخصاً أفضل بالتأكيد و سيكتسب العديد من الصفات الإنسانية و الشفافية و سيصبح كوكب الأرض مكان أفضل للعيش بسلام.
مهما حاول الانسان الكمال لله وحده مفيش حد مثالي
ردحذفدي حقيقة فعلا بس اما الإنسان يحاول يقرب هيرتقي ( مش هيوصل للمثالية بس هستفاد انه يرتقي)
حذفصح كلامك :)
حذفميرسى جداً ليك ^_^
حذف