السبت، 26 يناير 2019

طالوت و جالوت



ظل بنو إسرائيل فى فلسطين بعد نبى الله موسى عليه السلام وتعرضوا في تلك الفترة لغزوات الأمم القريبة منهم كالعماليق، وأهل مَدْيَن وفلسطين والآراميين 
وقد كان العبرانيون في ذلك الوقت فى حرب ضد جالوت وجيشه ، فغلبهم جالوت ، وأخذ تابوت العهد منهم ، والتابوت المذكور فى القرآن الكريم هو إشارة للصندوق الذي فيه التوراة أي الشريعة ، فعزَّ عليهم ذلك و غضبوا، لأنهم كانوا يستنصرون بالتوراه .
و عندما طلبت بني إسرائيل من نبيهم صموئيل ملكاً من بعد نبى الله موسى حتى يقود جيشهم ولا يتعرضون لهجمات من جالوت مثلما فعل مع العبرانيين ، اخبرهم صموئيل أن الله أختار لهم طالوت ليكون ملكاً عليهم وليقود جيشهم

ولكن بني إسرائيل لم تجده جديراً بالعرش لأن طالوت لم يكن من سلالة الملوك أو من الأسر المالكة ولكنه كان - كما جاء فى القرآن الكريم -  ذو بسطة في علمه وبنيته ، أى لديه الكثير من العلم والقوة الجسمانية .
فاخبرهم صموئيل أن الله أختار طالوت ولا يمكن عصيان أوامر الله و أن الدليل المادي على ملكه هو عودة التابوت الذي أخذه منهم العماليق إليهم، وأن الملائكة تحمله إلى بيت طالوت تشريفاً وتكريماً له، فرضوا به فى النهاية.
قام طالوت بتكوين الجيش وجمع الجنود لمحاربة (العماليق) بزعامة أو إمارة جالوت الجبار الذي كان قائدهم وبطلهم الشجاع الذي يهابه الناس. وتم فعلاً اختيار سبعين أو ثمانين ألفاً من شباب بني إسرائيل، وخرج معهم لقتال الأعداء.
ولكن حكمة القائد طالوت ومعرفته بهم وتشككه في صدقهم وثباتهم دفعته إلى اختبارهم في أثناء الطريق لأنه عرف عنهم أنهم يتراجعون فى وعودهم غالباً
لذلك في وقت الحر مر طالوت وجيشه من بنى إسرائيل بنهر بين فلسطين والأردن ،و قال لهم أن لا يشربوا من هذا النهر وأن من يشرب منه فليس منى أى ليس من جيش طالوت
 فشرب أكثر الجيش إلا قليلاً منهم فتبين له عصيان الأكثرين، وطاعة الأقلين، فتابع الطريق وتجاوز النهر مع القلة المؤمنة، ولكن بعضهم قالوا حين شاهدوا جيش جالوت: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده، أى أنهم كانوا منهكين ولا يستطيعون مواجهه جالوت وجنوده
فرد عليهم الآخرون بأنه كثيراً ما غلبت الفئة القليلة فئات كثيرة بإذن الله.
وكان من حاضري الحرب داود بن يسّى وهو نبى الله داوود عليه السلام الذي كان شاباً صغيراً راعياً للغنم، لا خبرة له بالحرب، أرسله أبوه ليأتيه بأخبار إخوته الثلاثة الذين يحاربون مع طالوت
فى ذلك الوقت رأى داوود الصبى عليه السلام جالوت يطلب المبارزة ، والناس يهابونه، فسأل داوود عما يكافأ به قاتل هذا ، فأجيب بأن الملك يغنيه غنى جزيلاً، ويعطيه ابنته، ويجعل بيت أبيه حراً.
فذهب داود إلى طالوت يستأذنه بمبارزة جالوت أمير العماليق وكان من أشد الناس وأقواهم، فضن به وحذره. ثم تقدم بعصاه وخمسة أحجار ماس في جعبته، ومعه مقلاعه، وبعد كلام مع جالوت، رماه داود بحجر، فأصاب جبهته فصرع، ثم تقدم منه وأخذ سيفه، وحزّ به رأسه، وانتصروا على جيش جالوت بعد موته. فزوجه الملك ابنته "ميكال" وجعله رئيس الجند.

الدروس المستفادة من قصة طالوت وجالوت :

1- أن بنى إسرائيل لا يمكن الوثوق بهم وأنهم أرادوا الحرب فقط لإسترداد حقوقهم ولكن عندما أعلن طالوت الحرب تولًى أكثرهم عن الحرب
و هكذا تبين أن إندفاعهم وحماسهم للحرب كان مجرد نزوة عابرة لم تصمد أمام الخطوات العملية ولكن كان هناك قلة قليلة مؤمنة ثابته على كلمتها أرادت خوض المعركة للنهاية وهؤلاء هم الذين حاربوا مع طالوت

2- حكمة طالوت فى إختبار جيشه من بنى إسرائيل عندما واجهوا النهر ، لأنه عرف أن أكثرهم لا يمكن الوثوق بكلمته و بالفعل كان محقاً لأن موقف النهر أثبت أن قلة قليلة هى التى أكملت الطريق معه

3- عندما أمر الله أن يكون طالوت هو قائد جيش بنى إسرائيل وملكم وقد رفضوا ذلك فى البداية و لكنه أنتصر بهم فى النهاية فنستفيد من ذلك أن الإذعان لأمر الله ونهيه هو دليل الإيمان و أنه يجب الرضى بقضاء الله مهما كان

4- أن النصر يأتى بالإيمان والصبر وليس بعدد الجيش لأن جيش طالوت كان أقل عددا من جيش جالوت ومع ذلك غلبوهم لأنهم كانوا قلة مؤمنين بالله و بنصره و أرادوا أولاً وأخيراً تنفيذ إرادة الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق