الأربعاء، 13 أغسطس 2025

العلاج بالبرانا... فن إعادة التوازن للحياه


هناك لحظات في الحياة نشعر فيها أن كل شيء من حولنا يمضي بسرعة، وأن أرواحنا تبحث عن فسحة من الهدوء، عن نسمة نقيّة تعيد إلينا توازننا المفقود. في هذه المساحة الهادئة يولد العلاج بالبرانا، ليس كطريقة علاجية فحسب، بل كجسر يربط بين الإنسان وعمق وجوده. البرانا ليست شيئًا يمكن أن نراه بأعيننا، لكنها موجودة في كل نفس نتنفسه، في دفء الشمس حين يلامس وجوهنا، وفي الموجة التي تنكسر على الشاطئ ثم تعود أدراجها في انسجام كامل مع البحر. هي طاقة الحياة التي تسري فينا كما يسري الدم في عروقنا، تغذي كل خلية، وتنعش كل جزء فينا يوشك أن يذبل.

حين نجلس أمام معالج برانا، لا نسمع ضجيج الأجهزة ولا نشم رائحة الدواء، بل نجد أنفسنا وسط هدوء يشبه سكون الفجر قبل أن تستيقظ المدينة. لا يحدث لمس مباشر، لكننا نشعر وكأن هناك يد خفية تعيد ترتيب شيء عميق بداخلنا. في البداية، تُزال الطاقات العالقة التي تراكمت بفعل القلق أو الحزن أو حتى الإرهاق الجسدي، وكأن أحدهم يفتح نوافذ الروح لتتنفس من جديد. ثم تبدأ الطاقة النقية في التدفق نحونا، تدخل من أماكن لا ندركها بعقولنا، لكنها مألوفة لأرواحنا. الشاكرات، تلك المراكز الطاقية التي كانت منهكة، تعود للعمل بانسجام، كفرقة موسيقية صارت أوتارها مضبوطة من جديد.

البرانا لا تحتاج منا سوى القبول، فهي ليست مرتبطة بإيمان أو عقيدة، بل هي قانون طبيعي مثل الجاذبية، تعمل في صمت وبلا ادعاء. والجميل أن أثرها يمتد لما هو أبعد من الجسد، فهي تلمس القلب وتخفف عن العقل ثقل الأفكار، وتزرع في الروح شعورًا بالسلام الداخلي. قد يلاحظ المرء بعد الجلسة أن النوم صار أعمق، أو أن الألم خفّ، أو أن ابتسامة صغيرة عادت إلى وجهه دون سبب واضح.

التجربة ليست علاجًا جسديًا فحسب، بل رحلة نحو الداخل، رحلة تذكّرنا أن الحياة ليست صراعًا دائمًا، وأن بداخل كل واحد منا بئرًا من النور ينتظر أن نزيح عنه الغبار. حين نسمح للبرانا بالتحرك بحرية، نحن في الحقيقة نسمح لأنفسنا بأن نكون كما خُلقنا: متوازنين، منسجمين، ومتصالحين مع ذواتنا. وفي عالم تتسارع فيه الخطى وتعلو فيه الأصوات، ربما يكون العلاج بالبرانا هو تلك اللحظة التي نغلق فيها أعيننا، ونتنفس بعمق، ونعود إلى البيت… البيت الذي نسكنه منذ الأزل، داخل قلوبنا.

                                                            Hala Signature
Loly 🌷

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق