الأربعاء، 19 أغسطس 2020

مرونة العلم


لماذا يلجأ علماء النفس إلى إلغاء بعض النظريات ليثبتوا وجهه نظر علمهم فقط؟
هذا ما حدثتنى نفسى إليه اليوم أثناء قراءة إحدى كتب علم النفس و التى تقول أن بعض المجتمعات المتخلفة تُفسر الظواهرالطبيعية كالبراكين و الزلازل و الرعد و البرق إلى أنها غضب من الآلهه بينما الظواهر الخير كالأمطار التى يحتاجها الناس للزراعة و الشرب تشير إلى رضا الآلهه
و أن الضرر الذى أصاب فلاناً سببه السحر الذى سعى إليه عدوه و إستعادة هذا المريض صحته تعود إلى تميمة مباركة من شخص نورانى
و قد فسر مؤلف الكتاب - و هو عالم نفس شهير - أن كل التفسيرات السابقة سببها أن الإنسان لا يطيق الغموض و يفزع من المجهول و أن الإنسان منذ أن بدأ تاريخه حتى الآن يجاهد ليعرف كنه ما يحيط به من ظواهر محاولاً فهمها و تفسيرها و عندما لا يسعفه علمه أو منهجه فى الوصول إلى الفهم السليم و التفسير الصائب

من النظرة الأولى لهذة الكلمات الحكيمة ستقف أيها القارئ فى صفها فوراً ، فلا داعِ لتفسير الظواهر بشكل عشوائى حسب الأهواء الشخصية أو الأعراف القديمة قبل الثورة العلمية الكبيرة
فمذ أن بدأ العلم يتحدد أهدافه و خصائصه ، أصبحت كل ظاهرة لها تفسير و يمكن التحكم بها بعد فهمها فهماً دقيقاً
لأن من أهداف العلم الرئيسية و التى تنطبق على أى علم :

- الفهم و التفسير
- الضبط و التحكم
- التنبؤ

و بوصف علم النفس من العلوم الإنسانية فإنه يصعب تطبيق أهداف العلم عليه و إن لم يكن مستحيل لأن علم النفس على سبيل المثال يدرس أصلاً السلوك الإنسانى من انفعالات داخلية و تفاعلات خارجية من الإنسان مع بيئته الطبيعية و الإجتماعية مما ينتج عنه فهم النفس و الصراعات النفسية الداخلية و العمليات الشعورية و اللاشعورية
و من هنا تأتى صعوبة التحكم فى سلوك الإنسان و قياسه لأنه غير مادى و دائم التغير و النمو على العكس من دراسة المواد الكيميائية الثابتة التى لا تتغير بسهولة و يمكن التحكم بها إذا ما أضفنا مادة كيميائية أو أزلناها.

ولكن فى رأيى الشخصى أن الكاتب يناقض نفسه بشكل ما فعلماء النفس أنفسهم وقعوا فى ذات الشرك الذى حذروا منه و هو ميلهم إلى تفسير ما لا يعرفونه على أنه خرافة أو لجوئهم للتفسير الغيبى لخوفهم من المجهول
فمثلاً الإعتراف بأن تفسير الظواهر الطبيعية على أنها غضب من الآلهه خرافة يتعارض دينياً بشكل صريح مع بعض نصوص القرآن الكريم التى كانت صريحة فى إرسال العذاب إلى قوم عذبهم الله بالرياح العاتية لأنهم خالفوا أوامره
وقد لا يمكن تفسير هذة الظاهرة (الرياح) بشكل علمى لأنها تُعد من المعجزات و المعجزات لا يمكن قياسها لأنها فوق إرادة و فهم و إدراك البشر

كما جاء فى الكتاب الإعتراض على السحر
و لن أتحدث هنا عزيزى القارئ عن أن السحر و السحرة موجودين بالفعل ، لأن كل ما لدى من دلائل إنما هى من القرآن .. أى أنها تخص الجانب الدينى أيضاً
فالدين لم يتعارض مع العلم يوماً ، و إذا وجدنا تعارضاً ما فعلينا أن نثق بالدين أولاً و أخيراً.
و لكننى لن أتطرق لهذا الموضوع حتى لا أضفى على المقال طابعاً دينياً بحت .. فهدفى الأول و الأخير ليس مقارنة الدين بالعلم و لكن حث العلماء على ضرورة المرونة العقلية و عدم تفسير ما يجهلونه من ظواهر على أنه خرافة من شعب متخلف لأن هذا يناقض ما قالوه أن هذا الشعب المتخلف فسر هذة الظواهر أيضاً بسبب جهله ببعض الأمور!

ألا يمكن أن نضع جانباً الظواهر التى لا نفقه عنها شيئاً فى خانة المجهول إلى أن يتم تفسيرها؟
هل يجب أن تتعارض الآراء أصلاً؟!

لاحظت كذلك أن هناك تجاهل واضح لعلم الطاقة ، فعلى الرغم من أنه علم وليد بالنسبة لباقى العلوم و كان من الصعب قياسه فى البداية لأن الطاقة غير مرئية أساساً إلا أن هذا العلم يتوسع بشكل كبير يوماً بعد يوم حتى أنه يمكن الآن قياسه
و سأعطيكم نبذة بسيطة عن ماهية الطاقة و كيف يمكن قياسها و ما فائدة ذلك

الطاقة هى هالة من الضوء تحيط بكل شئ حولنا كالمنضدة و الوسادة و الكتب و النباتات و الحيوانات و حتى أجسامنا!
و لأننا نتحدث أصلاً عن الإنسان فسنأخذ الإنسان كمثال
هل تعلم أن هناك طاقة تحيط بجسدك قد تحدد مزاجك العام و مرضك و مخاوفك؟!
إن هذة الطاقة لا يمكن رؤيتها إلا بطريقتين.. أولاً يمكن لشخص ذو طبيعة خارقة ( و هؤلاء الأشخاص موجودين و لكنهم نادرين حقاً) أن يرى هالتك أو طاقة جسمك و لونها
ثانياً و هو الأكثر شيوعاً حيث أن أغلب الناس لا تمتلك قدرات فائقة ، يمكن رؤية الطاقة عن طريق جهاز كيرليان
فبواسطة هذا الجهاز يمكن أن يرى الإنسان الهالات حوله و معرفة ألوانها و قوتها ، إلا أن قياس الهالات عن طريق جهاز كيرليان ما زال فى تطور لأن الرطوبة و الحرارة و الضغط الجوى و كل هذة العوامل تؤثر فى ألوان و قوة الهالات فلا يمكن الجزم بأن ثمة لون مُعين يعنى مزاج أو مرض نفسى أو جسدى محدد.

إلا أن بعض الحكماء و دارسين الطاقة يرون إختلاف ألوان الهلات بحسب الحالة النفسية و الصحية للناس و من ثم قدروا أن كل لون يدل على مرض معين أو نفسية معينة


هل الشخص المتغير هالته يمر بظروف نفسية سيئة؟ هل بإستطاعة علم الطاقة اليوم أن يقدم لنا جهاز يكشف عن الطاقة السلبية أو الهالة الداكنة اللون و التى تعبر عن مرض نفسى ما .. فيؤثر ذلك بدوره فى تطور و نمو علم النفس و إكتشاف الأمراض النفسية بسهولة كالكشف عن أمراض القلب و الرئة؟

كما قلت إن كل من علم الطاقة و علم ما وراء الطبيعة علوم وليدة لا يمكن تحرى دقة الضبط و دقة الفهم و التفسير فيهما
مما يجعل العلماء ينكرونهما بشكل كلى متجاهلين كل الأوراق البحثية التى تجرى بشكل موسع فى الولايات المتحدة الأمريكية و التى توصلت بالفعل إلى نتائج هامة و قد خطت خطوات بحثية منهجية مضبوطة
و بالرغم من صعوبة قياس شئ غير مادى إلا أن أى عقل اليوم لا ينكر أبداً وجود هذة الماورائيات و الشعور بها بشكل أو بآخر حتى و إن لم نجد لها تفسيراً بعد.
تماماً كالنفس و أيضاً كالسحر و الذى يمكن تعريفه بأنه طاقة سلبية تلازم المريض لفترة طويلة ولا بد من وجود طاقة إيجابية مضادة لها لتحل مكانها!

فى هذة الحالة يجب أن يتحلى العلماء بالصبر و المرونة لوضع بعض الإستثناءات لبعض الظواهر أو على الأقل عدم إطلاق أى حكم عليها أنها ناتجة عن تفكير شعب متخلف قبل محاولة فهم تفسيراتهم الغامضة التى تحتاج للبحث و الفهم لتفسيرها
لأنه لا يجب أن ننسى أن الزحف الحضارى قد أتلف الكثير جداً من فطرة الإنسان و فطنته فى التعرف على الأمور و التصديق بها و أتلف مرونته فى تقبل ما لا يستطيع فهمه و تفسيره لمجرد أنه لا يناسب القوالب الجامدة التى تسمى خصائص العلم.

و فى النهاية لا ننسى أن أهداف العلم نفسها قد وضعها الإنسان و صَدق عليها أكثر من عالم ، و أننا جميعاً نعلم أن البشر غير كاملين و يمكن لهذة الشروط أن تتغير أو تتسع للمزيد أو تصبح أكثر مرونة إذا ما أيقننا وجود علوم وليدة لا تخضع لهذة الشروط بالمرة و من جهة أخرى لا يمكن إنكار أنها تخضع لكلمة (علم).

هناك تعليقان (2):

  1. الله ينور والله ايه الجمال دااا

    ردحذف
    الردود
    1. ربنا يخليكى يا مصطفى
      كالعادة بستنى الكومنت بتاعك يا صديق المدونة 😍

      حذف