الأحد، 17 فبراير 2019

أنا ليه تركت علم النفس؟


يمكن دى أول مرة أتكلم فيها عن تجربة شخصية أو حاجة إتعلمتها بس أنا حسيت أنها مفيدة وإنى إتعلمت منها كتير فعلشان كدة حبيت أشاركها مع كل شخص هيقرأها
الموضوع كله بدأ بعد ما إتخرجت من الكلية ، بما إنى خريجة قسم علم النفس فكنت بفكر طول سنين الجامعة أشتغل ايه أما اتخرج و اشتغل فين
و كنت شبه مقررة إنى أتلقى تدريب فى مستشفى نفسى و أصبح أخصائية نفسية كخطوة أولى و مكنتش محددة إذا أنا عايزة أكمل ماجستير و دكتوراه ولا لأ بعد كدة
لكن يكفى إنى أخد لقب اخصائية نفسية و الناس تقول عليا يا دكتورة هالة
نظرة إحترام و لقب كبير مكنتش متخيلاه و مكنش فى بالى لأنى أخترت المواد الأدبية فى ثانوى و كان بالنسبة لى كلمة دكتورة مستحيلة لأنى كنت بفكر على أنها تقال لطبيب فقط
نظرتى للحياه إتغيرت كلها أخر سنة فى الكلية ، مش هنكر إنى مريت بفترة عصيبة جداً كنت بعانى من إكتئاب بدون سبب
حسيت إنى مش لاقية طريقى و مش هلاقيه لأن فى آخر سنة فى الكلية وبعد كل التعب والأبحاث دى قررت إنى مش هشتغل فى علم النفس
فى آخر سنة فى الكلية واجهت المعنى الحقيقى للأخصائية النفسية ، عمل مٌرهق نفسياً و بدنياً لأقصى حد على الأقل بالنسبة لى أنا.
أكتشفت إنى مينفعش ببساطة أقضى ساعات طويلة فى مستشفى الأمراض العقلية والنفسية مع ناس بتعانى من بؤس و جنون و أرجع بيتى فى نهاية اليوم ببساطة أبتسم فى وش عائلتى و أحضر أكل بحبه فى المطبخ و أضحك قدام مسلسل أو فيلم ظريف و أقدم دعم معنوى لصاحبى و أسرتى بعد كل ده
أكتشفت أن الأخصائية النفسية شغل بيستنزف طاقة مش طبيعية منى و المطلوب إنى أرجع بيتى أكمل ببساطة حياتى و يمكن أقابل مشكلات حياتية تانية بعيداً عن ضغوط الشغل!!
كنت مذهولة بشكل لا يصدق أخر سنة فى الكلية بعد ما عرفت كل ده و للأسف التدريبات العملية فى المستشفى موجودة فى آخر سنة بس و أول ثلاث سنوات فى الكلية كلهم نظرى بس.
و المشكلة الأكبر اللى بلوم عليها الكلية و المنهج أنهم مهتموش بوضع برنامج تأهيل للطلاب والطالبات للتعامل مع الحالات العقلية والنفسية دى .
الموضوع بالنسبة لهم كان بسيط ( بكرة فى تدريب فى المستشفى و انتهى الأمر!!! احضروا فى الموعد !!)
فكرت مع نفسى ليه دخلت القسم ده من الأول؟ مجموعى كان كويس بحيث أنه يسمحلى بأكتر من إختيار!!
لو كنت عرفت كدة من الأول مكنتش فكرت فى القسم ده أصلاً.
أتذكر فى أخر يوم ليا فى تدريب المستشفى خرجت كنت لوحدى و كنت بعيط و مش عايزة حد فى الشارع ينتبه ليا ، و للمرة الأولى قررت إنى مش هرجع البيت على طول بعد ما خلصت رغم إن دى مش عادتى
روحت على وسط المدينة والدنيا بدأت تمطر جامد سيول والجو كان بارد جداً و مع ذلك فضلت أمشى مسافة طويلة و كلمت ماما فى التليفون وخرج منى الكلام بشكل غريب ( ماما ، أنا مش هكمل فى علم النفس )
و هى مكنش عندها أى مشكلة فى الموضوع ده و كانت دايما ً و لحد النهاردة بتشجعنى على أى حاجة عيزاها طالما مش حرام
فى الوقت ده أنا افتكرت إن الكلمات دى خرجت منى عشان مضغوطة و محتاجة تدريب على التعامل مع الحالات الصعبة فى المستشفى مش أكتر ، لكن كان قرار صارم وواضح و بالفعل لحد اليوم ده مش ندمانة نهائى على إنى تركت المجال ده

إحتمال يكون ده السبب الرئيسى اللى خلانى أعانى من الإكتئاب فى أخر سنة فى الكلية ، كان شعور سيئ جداً و عمرى ما فكرت إنى هحس بالإحساس الرهيب من الضعف و البعد عن الحياه بالطريقة دى
لحد ما فى مرة كنت بتصفح مجلة بتعلم تفصيل الأزياء و اتعلمت منها كتير ، كنت عارفة المجلة دى من زمان بس مفكرتش اتعمق فيها
بعدها فكرت إنى أفصل لنفسى ملابس و خصوصاً أن والدتى بتعرف تفصل الملابس بإحتراف فتعلمت منها و من المجلة و ده اللى خلانى النهاردة بعد 3 سنين من التخرج أشتغل فى تصميم الأزياء معاها
اتأكدت بعدها إن لقب دكتورة مش هو أهم حاجة فى العالم ولا إنى أكمل فى نفس اللى بدأته هو المهم
المهم إنى أعمل الحاجة اللى بتخلينى سعيدة و بتدينى إلهام مستمر. الحاجة اللى بتخلينى أفكر فيها و أنا سعيدة واللى مش بتستنزف كل طاقتى 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق