الخميس، 13 ديسمبر 2018

ليه الناس اصبحت مكتئبة؟



إترددت كتير قبل ما أكتب عن الموضوع ده لأن إجابة سؤال ( ليه الناس أصبحت مكتئبة؟ ) إجابته كبيرة ومحتاجة كلام كتير جداً
لكن أنا قررت إنى أجاوب على السؤال ده بالنسبة للمصريين والعرب
لكن معلش إستحملونى أنا هتكلم باللهجة العامية مش باللغة العربية عشان الموضوع يوصل بشكل أسهل
ليه كتير جداً من المصريين والعرب اصبحوا مصابين بالإكتئاب أو حتى بلادة الشعور والضيق أغلب الوقت؟
لو سألت أى حد سؤال زى ده هيجاوب فوراً أنه بسبب غلاء الأسعار وضيق المعيشة لكن الحقيقة فى وجهه نظرى أن مش ده السبب الوحيد لحالة الكآبه السائدة الأيام دى
فى حاجات بنعملها فى حياتنا اليومية بتأثر علينا بشكل سلبى جداً من غير ما ناخد بالنا من الموضوع ده
رقم واحد : السوشيال ميديا
خلينى أكون صريحة ، أنا نفسى لما بسمع كلام سلبى من حد عن الحياه والمعيشة بتضايق وببقى مش عايزة أتكلم مع الشخص السلبى ده تانى حتى لو كان أقرب الأصدقاء ليا
لو بصينا على الفيس بوك مثلا هنلاقى أن كتير من المنشورات المكتوبة فيها بؤس و حزن وبتتكلم عن أن الحياه صعبة وأن الواحد مبقاش عارف يعيش لدرجة أن فى الفترة الأخيرة إنتشرت صور لناس من أيام أجدادنا مثلا وهم عايشين حياه رايقة و هادية بعيداً عن هموم الوقت الحالى اللى الناس كلها حاسة بيها
رغم أن العالم كله بيعانى من غلاء الأسعار ومشاكل فى تدبير الأمور المالية وحتى أيام أجدادنا كانوا بيعانوا من غلاء الأسعار وده شئ ممكن تتأكدوا منه يا إما من حكايات الأجداد أو من الأفلام القديمة
طيب لو طول الوقت الناس بتعانى من غلاء الأسعار و ضيق المعيشة فى بعض الوقت ، فين المشكلة؟ ليه إحنا مش عايشين بروقان زى الناس بتاعه زمان ؟ إيه الفرق وإيه علاقة السوشيال ميديا بالموضوع أصلاً؟
مشكلة السوشيال ميديا ( اللى مكنتش موجودة زمان ) أن الناس بتقضى وقت طويل عليها فى ايام الأجازات ووقت الفراغ وأحياناً وقت طويل جداً زيادة عن اللزوم
طول الوقت ده من الأشياء اللى بتخلى أى إنسان ينسحب بالتدريج من الحياه الإجتماعية الأسرية أو الأصدقاء و بيبدأ يتسلى بوحدته ويقتنع بيها و بينسحب من الحياه الإجتماعية عن قصد
ده مع الوقت بيخلق شعور بالوحدة النفسية ، حتى لو بعد كدة الشخص ده خرج مع أصدقاؤه وأقاربه مش بيكون سعيد لأنه سبق و كون لنفسه عالم منعزل تماماً ، بيسعد بيه بالأول لكن بعد كدة العزلة دى بتتحول لإكتئاب
و تانى شئ وسائل التواصل الإجتماعى بتعطى شعور كامل بالزيف ، لأنى ممكن اقرأ أخبار مزيفة عن ناس أعرفها و أكون متأكدة أنها مش حقيقية و الهدف من الأخبار المزيفة غالباً الإستعراض و جمع اكبر عدد من المعجبين .
النقطة اللى بعد كدة مفيش ناس كتير فكرت فيها لكن لازم اقولها لإنى لاحظتها بشكل واضح الفترة الأخيرة والموضوع بدأ يزيد لحد مرعب.
إيه هى؟
وسائل التواصل الإجتماعى سواء الفيس بوك أو إنستجرام وبالذات الأخير ده لأنه كله عبارة عن صور وضعوا قوالب محددة للسعادة وحولوا أبسط مسببات السعادة لأشياء معقدة جداً جداً
فاللى بيحصل إن الناس صدقت قوالب السعادة المزيفة دى و بتحاول لحد النهاردة تحط نفسها جواها علشان تلاقى السعادة على أساس ان كل ده حقيقى
فاللى بيحصل حاجة من الإتنين :
1- يا إما الناس بتقلد اللى بتشوفه بالحرف ومش بتلاقى السعادة فى الأخر لأنها زى ما قلت مزيفة ومش من جواهم و بيكتئبوا
2- يا إما الناس بتحاول توصل للى بتشوفه على وسائل التواصل الإجتماعى و مش بتعرف فبالتالى بيكتئبوا
و علشان اوضح أكتر هكتب أمثلة كتير عن الموضوع ده عشان أقدر اوصل الصورة كاملة
أول مثال : إنتشر على الفيس بوك مؤخراً مقولة ( سافر فأنت لست شجرة )
مش كل الناس معاها الفلوس الكفاية أنها تسافر و ده مش شئ ضرورى بحيث أنه يكون من حقوق الإنسان ، السفر للسياحة فى الأول وفى الأخر رفاهيه مش كل الناس تقدر عليها إلا اللى يملكوا المال والوقت الكافى لده
لكن بما أن الناس وخصوصاً الشباب وضعوه جزء من قالب السعادة المزيف ، فبنلاقى فجأة الناس كلها عايزة تسافر بل وتهاجر بل وتغير جنسيتها كمان!!!!
الثقافة دى مكنتش موجودة زمان نهائى و زى ما قلت السفر من عيب ولا حاجة لكن هو رفاهيه مش كل الناس تقدر عليها و مش من الصح ان الناس اللى ضعيفة الإيمان فى نفسها و قليلة الثقة يشعروا بالإكتئاب لمجرد انهم مش عارفين يسافروا مثلاً
طيب وسائل التواصل الإجتماعى بتعمل إيه؟
بتنشر أجمل صور فى العالم للسفر والمسافرين والمدونين المشهورين وهم فى اماكن مشهورة و بصراحة الموضوع أصبح إستعراض أكثر منه شعور بالسعادة ، إستعراض للملابس والفلوس والإمكانيات كإن لسان حالهم يقول ( شوفوا انا بعمل إيه )
والله أعلم إذا كانوا هم اصلا اقصد المدونين المشهورين سعداء ولا لأ؟!
تانى مثال : الناس اللى عايزة تستعرض بس مش هينفع تسافر تعمل إيه؟!
تستعرض بلبسها و كل حاجة ماركة عندها حتى لو أكل والله!!
بيفضلوا يتصوروا وبردو وسائل التواصل الإجتماعى بتنشر صور الماركات بتاعة الملابس وأشهر المطاعم و ده بنفس الطريقة بينعكس على الناس اللى مش هتقدر تشترى ملابس أو إكسسوار او أى حاجة ماركة بالإكتئاب ( أنا مش عارف أحقق الكلام ده) ( الناس دى أغنياء ) ( انا ليه مش معايا فلوس زيهم؟)
وخصوصاً البنات والنساء صغيرات السن يعنى أكتر ناس بتتأثر.
من كام يوم كلمتنى بنت قريبتى وصديقتى جداً و كانت مكتئبة ومتضايقة وأنا مستحملتش أسمع صوتها كدة فى التليفون فكلمتها و لقيتها بتعانى من نفس الحاجات بالضبط!!
هى مقالتش أنا مكتئبة عشان كذا لأ ، هى مكنتش عارفة مالها بالضبط بس لما إتكلمنا سوا توصلت إنها عايزة تخلص الكلية بسرعة علشان تبدأ تشتغل بسرعة و تكون فلوس بسرعة وأنها لو معملتش كدة هتحس بعدم تقدير من الناس و أن ملهاش لازمة فى الحياه خالص و ده للأسف تفكير بنات كتير جداً.
كانت نصيحتى ليها متخليش الطموح الزيادة عن اللزوم و جرى الناس على الوضع الإجتماعى العالى يضايقك ويحسسك بعدم الرضا
إعملى اللى بتحبيه وبس ، الحاجة اللى تخليكى سعيدة و تكونى مرتاحة فيها سواء الناس حست إنك عملتى إنجاز او لا دى مش مشكلتهم أصلاً
و كمان قولتلها إنى كان ممكن أكون دكتورة وكان سهل جداً أشتغل على ده لإنى درست علم النفس وكان ممكن أدرس بطريقة ما طب نفسى ويقولوا الدكتورة راحت والدكتورة جت لكن أما قررت إنى مش هشتغل فى مجال دراستى كان لسببين:
أولا : و ده الأهم أنا مش مقتنعة بأغلب اللى درسته فى علم النفس أصلاً ( قولوا عليا مجنونة أو لأ بس فى حاجات مش منطقية وأنا مش هعمل حاجة أنا مش مقتنعة بيها )
ثانياً :لو إخترت إنى مشتغلش فى مستشفى نفسى و قررت أعلم لطلبة الجامعة وأكون دكتورة جامعية ، هعطى للطلبة نفس المعلومات العجوزة الغير منطقية اللى أنا مش مقتنعة بيها بردو و فى الحالتين أنا مش هكون سعيدة.
علشان كدة انا مكنش مهم عندى كلام الناس ( حد يسيب لقب دكتورة و يشتغل حاجة تانية؟!) آه أنا !!!

- لقيت مرة فى جروب بنات على الفيس بوك ، كان فى بنت معرفهاش كاتبة ( إمتى بقا هيبقى ليا الكارير بتاعى وأكون مبالغ كبيرة و أعيش حياتى بيها ؟ ) و بنت تانية بتقول ( أنا مش هتجوز وبتقول للإمهات كلهن متجوزوش بناتكن علشان مينفعش البنت يكون أخرها راجل تطبخله وتستناه يرجع من الشغل ، لكن المفروض تسيبيها تعتمد على نفسها وتسافر و تكون فلوس و تعيش بيها!!! )
و بنت تالتة كاتبة ( إمتى هيبقى معايا فلوس كتير أروح أعمل بيها شعرى و أروح لصالونات التجميل و ألبس أحسن موديلات و أسافر؟ )
و هنا تكمن المشكلة أن وسائل التواصل الإجتماعى غيرت كتير من تفكير الناس سواء بنات أو شباب
كل هدفهم جمع المال وإنفاقه علشان ألاقى السعادة اللى هى هتطلع فى الأخر مزيفة و فى الأخر أكتئب بقا بس المهم أتصور صور رهيبة وأنا بلف العالم بلبسى الشيك الماركة و أقول للناس أنا سعيدة وغنية و فوق الكل
لو بصينا للبنات على وجه الخصوص فى الموضوع ده هنلاقى البنات ( أغلبهم مش كلهم ) بداوا يحقروا من فكرة الزواج أساساً ( أنا هطبخ لواحد معرفوش) ( أنا لازم يبقى عندى شخصيتى المستقلة) ( أنا لازم أشتغل أحسن شغل ) ( لو زوجى زعلنى حتى لو حاجة بسيطة جداً مش هتناقش معاه لأ ، أنا هعيش بنت حرة و هتطلق!)
أكيد فى كتير مننا قابل الصنف ده من البنات ، المشكلة أن قدوتهم فى الحياه بيكونوا أصلاً بائسين وبيعانوا مر المعاناه بس لازم يمثلوا السعادة والناس بتصدق!!
و طبعاً أمثلة تانية كتير ولو جينا عدينا الأمثلة مش هنخلص الموضوع أبدا ً
اللى أنا عايزة أقوله بعد كل ده أن فكرة أن الناس تحط نفسها فى قالب مش بتاعها ده خرب كل شئ وخرب سلامهم النفسى
و أن خروجة بسيطة للمشى فى منطقة البيت مع شخص بحبه ( زوج ، أخ ، أم ، أب ، صديق ) أى حد بتكون أحسن من 100 سفرية
و ملابسى اللى فى الدولاب لو اهتميت بيها وعطرتها و كويتها وإهتميت بشكلى الخارجى فى حدود عدم البهرجة أحسن 100 مرة من ملابس ماركة غالية بتكلفنى فلوس كتير وبضغط على أهلى عشان أخد منهم فلوس و أشتريهم
و أكلة معمولة فى البيت أو حتى فى مطعم متوسط مع ناس بنحبهم فى يوم اجازة أحسن من المطاعم الفاخرة اللى بتضحك على الناس ( بالبرستيج ) علشان تاخد فلوسهم
و أن سفرية يوم أو يومين لإقرب منطقة فيها بحر ( الإسكندرية أو الإسماعيلية ) مثلاً أحسن من الضجر أن مفيش أماكن حلوة فى بلدنا و أن السفر بره هو الحل
و أن أما أقتنع بشكلى ووشى وجسمى مهما كان شكله و اكون فرحانة وواثقة فى نفسى أحسن ما أفكر إنى لو مغيرتش شكلى الناس مش هتحبنى و لازم أشترى مستحضرات تجميل غالية بشكل مبالغ فيه عشان شكلى يبقى كويس و أبدأ أحس بالرضا عن نفسى
بإختصار : البساطة و إنى اعيش فى حدود المتاح قدامى أياً كان كتير أو قليل هو سر السعادة و أن السعادة هى حاجات بسيطة بعملها و شعور داخلى بالرضا قبل أى حاجة

هناك تعليقان (2):