السبت، 6 ديسمبر 2025

رواية مُربي النحل

ديسمبر 06, 2025 0 Comments

                                                   


لم أكن أتوقع أن مجرد اختيار عشوائي لرواية جديدة ممكن يغير مزاجي أسبوع كامل، لكن هذا تحديدًا ما حدث عندما بدأت قراءة رواية (مُربي النحل) و هي ثاني رواية اقرأها بعد رواية (فتاة المستنقع) للكاتبة جين ستراتورن بورتر. من الصفحة الأولى شعرت و كأنني أنا بطل الرواية الذي هام على وجهه هاربًا من حكم قاسي و معاملة المستشفى العسكري له كقطعة خردة من مخلفات الحرب.
كان عليه أن يهرب و ينجو بنفسه من مصير مُظلم و مستقبل قاتم و هو إيداعه في منفى لمرضى الجذام رغم أنه لم يكن يعاني من الجذام اصلاًا!
ففر البطل ذو الدماء الأسكتلندية الحارة هاربًا من مصير مظلم متجهًا إلى آخر مجهول غير عالم ما ينتظره و محاولا بكل الطرق أن يرمم ما بقي منه، مستعيدًا علاقته بنفسه و بربه و محافظًا على ضميره رغم الجرح الغائر في صدره الذي أبى أن يندمل.

تعلمنا هذة الرواية ضرورة المخاطرة في بعض الأحيان و عدم الإستسلام للظروف المظلمة رغم الإنهاك النفسي و الجسدي الذي يصيبنا أحيانًا كما أصاب البطل و حتى لو كان المستقبل مجهول، فماذا لو كانت هناك جنة على الأرض بإنتظارنا؟!

صدرت النسخة الأصلية من الكتاب عام 1925 باللغة الإنجليزية و تمت ترجمتها للغة العربية عام 2022 من قِبل مؤسسة هنداوي و من ترجمة دينا عادل غراب و هي متاحة للتحميل عبر موقعهم على الإنترنت.

مما لا شك فيه أن أسلوب الكاتبة يميل لوصف الطبيعة في كلا الروايتين بشكل جذاب يثير الخيال و يغذي الروح و يجعلك تشعر بأنك سافرت إلى حديقة سحرية تملؤها الفراشات في رواية و النحل في رواية أخرى. و لكن أيًا ما كان فإن (جين ستراتورن بورتر) أصبحت من الكُتاب الأجانب المفضلين عندي و لا يمكنني الإنتظار لكتابة مراجعة جديدة لرواية جديدة لها أو ربما مراجعة لكتاب من كتب الطبيعة التي تعشقها كما أعشقها و تراها كما أراها!
كل ما أعرفه الآن أن هذه الكاتبة إذا كانت من نفس جيلي و مازالت على قيد الحياة لأصبحنا أفضل صديقتين.. بلا شك!

                                                                 Hala Signature

الأربعاء، 3 ديسمبر 2025

ذاكرة الماء

ديسمبر 03, 2025 2 Comments


لقد كان الماء و ما زال من أكثر العناصر التي أثارت دهشة الناس حتى من قبل اجراء التجارب عليها كعنصر أساسي مكون للحياه. إنها ليست المكون الرئيسي لكل خلية في أجسادنا فقط، بل إنها تمس أرواحنا بطرق خفية. 

فللماء تأثير قوي على جسم الإنسان ليس فقط من ناحية المنهج العلمي الذي يتبعه العلماء، هذا المنهج الذي يقول أن الماء مكون من ذرتين من الهيدروجين و ذرة أكسجين. ليس هذا فقط، لكن الماء يؤثر طاقيًا على جسم الإنسان بشكل كبير.

خذ عندك مثلا فترة إكتمال القمر حيث تتأثر البحار و المحيطات بحركات المد و الجذر وقت تمام البدر. هذة الظاهرة تدعو للتأمل و التفكر، فبما أن جسم الإنسان يتكون بنسبة كبيرة من عنصر الماء، فإن جسم الإنسان كذلك يتأثر بشكل بالغ بوقت إكتمال القمر فتهيج اخلاطه الداخلية كأنما بداخله بحر أو محيط!
و هذا كما قلت يدعو للتفكر في سُنة رسول الله صلى الله عليه و سلم في صيام الأيام القمرية. فالصيام في هذا الوقت يساعد الجسم على تقليل وقت الطعام و الشراب و الإكتفاء بأبسط الأطعمة و أقلها تعقيدًا لما في ذلك من محاولة تهدئة أخلاط الجسم التي تتحرك في ذروتها في مثل هذا الوقت.
و من المؤكد أننا عندما نصوم تلك الأيام القمرية.. نفعل ذلك طاعة لرسول الله و اقتداءًا به و لكن عندما نتفكر في الأمر نجد أن الأسباب تتحد معًا لندرك عظمة رسول الله و فطرته السليمة سواء عرفنا الغاية من صيام الأيام القمرية أم لم نعرفها. و ذلك لأن الكثير من البسطاء يقتدون بمعلمنا الشريف أطهر الخلق دون التفكر في (لماذا؟).
و لكن هذا لا ينفي ايضًا أن التفكر و البحث و الاستدلال له فضل كبير و دور في ترسيخ إيماننا بشكل أعمق. فقد توافقت الفطرة مع طاعة رسول الله مع تفكر أولي الألباب... فيا له من دين عظيم!

الأمر الآخر الذي أذكره هنا هو ذاكرة الماء. نعم كما قرأت فللماء ذاكرة.
إن كل شئ في الكون عبارة عن طاقة، أجسادنا طاقة، كلماتنا طاقة، غضبنا و سعادتنا و حزننا طاقة، الكلمات الجميلة و الألفاظ النابية طاقة، حتى الأشياء الساكنة ككتاب على منضدة عبارة عن طاقة و لكنها ساكنة إلى حد كبير ... إلى الحد الذي يعتقد فيه المرء أنها جامدة أو ميتة و لكنها على العكس من ذلك.
و بناءًا على هذا فإن الماء طاقة، و هذة الطاقة تتأثر بأي تردد آخر حولها.
فإذا قرأت القرآن على الماء و خاصة بعض آيات الشفاء و شربها المريض نجده بدأ في التعافي بالفعل تخلل في جسده!
و إذا قرأت كلمات نابية في الماء أو ألقيت نوع من السحر، فيتحول هذا الماء إلى سم قاتل يحطم البدن و يدمر الصحة و قد يؤدي إلى الوفاه.
فالماء بطبيعته كالمادة الخام التي تلتقط إما الترددات المتناغمة النورانية و إما الترددات المدمرة المخالفة للفطرة.

أما من جهة العلم، يقر العلماء بأن الماء شديد الحساسية لبيئته. فبنيته الجزيئية تتغير باستمرار بحسب الحرارة والضغط ودرجة النقاء والاهتزازات المحيطة. وقد أثبتت الفيزياء الحديثة أن الذرات والجزيئات تستجيب للاهتزازات الصوتية، وأن الموجات الصوتية يمكنها بالفعل أن تُحدث أنماطًا وانتظامات مختلفة في السوائل. هذه الظاهرة لا تثبت ذاكرة روحية للماء، لكنها تُظهر كيف أن هذا العنصر قابل للتشكل والتفاعل، ما يجعل الربط الروحي بين الكلمة والماء ذا معنى إنساني وإن لم يكن ذا تفسير علمي مباشر.

ولعل أجمل ما يقدمه لنا الماء هو هذا الدرس الرمزي العميق. فالماء يتغير باستمرار، يتبخر، يتكثف، يتجدد، يتطهر بذاته. وكذلك الإنسان يستطيع أن يُعيد تشكيل داخله مهما مر عليه من تجارب قاسية. وإذا كان الماء يتفاعل مع ما حوله، فالإنسان أولى بأن يتفاعل مع الكلمة الطيبة وأن يحيط نفسه بكل ما يرفع من روحه.

قد يرى العلماء أنه لا يوجد جمع بين العلم والروحانية و لا يجب الخلط بينهما، و لكنني أقول دائمًا بأن العلم الذي لا يهدف للوصول إلى الحقيقة لا فائدة منه. كما أن العلم الذي ينكر الروحانيات و ينكر كل ما لا يخضع إلى المنهج العلمي فهو علم متعصب يسير في الاتجاه الخاطئ، لأن كل العلوم مهما تنوعت و اختلفت تصبو في النهاية للوصول إلى حقيقة الكون، أما تزييف الحقائق لمجرد أنها تتنافى مع المنهج العلمي فهو تعصب أعمى و إغماض للعين عن الرؤية، لأن المنهج العلمي المتعارف عليه الآن من صنع الإنسان الذي هو كائن غير كامل أصلا و من الطبيعي أن منهجهه يشوبه الجمود و يحتمل الصواب و الخطأ بنسبة كبيرة. فالحقائق التي نلمس أثرها بدون سبب مادي هي بالأحرى من يجب أن يوضع لها منهج علمي لدراستها و ليس العكس.


With love