الأربعاء، 1 ديسمبر 2021

تحت ضوء القمر

ديسمبر 01, 2021 1 Comments


لم يكن لديها رد فعل معين بعد سماع رأى الناس فيها ، فتارة تراها تضحك و تارة تراها تستمع بجدية و إهتمام عن هذة الآراء
و لكن ما يلفت انتباهها فى كل مرة أن رأى الناس فيها شبه ثابت.
لقد أجمع أغلب من عرفها أنها تعيش بقلب طفلة صغيرة و روح بريئة نقية لم يشوبها التلوث

لا تعرف حقيقة إن كان هذا صحيحًا أم لا ، و لن تعرف ابدًا لأنها قد كونت بالفعل فكرة عن نفسها.
الجانب الأزرق المضئ اضاءة خافتة و الذى لم يراه أحد من قبل
تلك الشعلة المضيئة فى داخلها و التى تعتمد عليها كلية مهما كان رأى الناس أو ظروف الحياه

لقد ولدت شفافة كنبع ماء فى وادٍ مهجور لم تطأه قدم بشر
فى مكان ما حيث الزنابق البيضاء التى لا تنمو إلا وسط بلورات الثلج و لا تزدهر إلا فى ضوء القمر، ترى محراب يتسع لفرد واحد
تسير إليه كل ليلة بصحبة القمر.
هناك حيث يتبدد العالم و تظل هى و صوت أنفاسها فقط.
عالمها الذى لا يعرف عنه أحد و الذى يجرى وفق قوانين خاصة
تجلس القرفصاء و حولها عشرات الشموع و أعواد البخور التى تحترق إلى ما لانهاية لتعطى قلبها بعض الدفئ و تذيب بلورات الثلج من حولها.
تنظر أمامها لترى الماضى و تنظر للمستقبل بعيون فضولية . تتنبأ بما هو قادم ، تشعر به فى قلبها فقط دون استخدام البلورة السحرية.
فى هذا المحراب ترى البحار تموج لتتوقف بإشارة من يدها ، و تصعد فى رحلات طويلة لمشاهدة الكون كله من أعلى. تأخذ فى الإرتفاع أكثر و أكثر حتى توشك أن تمسك الكون بقبضة يدها لتجد نفسها فى نفس المحراب مرة أخرى.
تجدل  خصلات شعرها الأسود المتطاير و تحرق المزيد من أعواد البخور لتضفى على المحراب هالة أكثر قدسية.

بعد ذلك تجدها تمسك الهاون و تخلط مزيج من الزنابق و مياه الأمطار لتصنع خلطات الشفاء. شفاء للقلوب و شفاء للجروح.
تعرف بالضبط ما تفعله رغم عدم إيمان أحد بقدراتها.
تصنع خلطات أخرى من مياه الأنهار المتجمدة و ضوء القمر ليلة إكتماله و الزهور العطرة ، تصنع من بعض هذة الزهور أكليل و تضعه كالتاج فوق رأسها ، يتناسب هذا مع الضفائر التى صنعتها منذ قليل
تعلم أنها سيدة هذا المحراب سواء ارتدت الإكليل أو لم ترتديه

بعد ليلة كاملة من صنع الخلطات و التأمل و الإستحمام بضوء القمر و عبير الزنابق ، تلملم أطراف عباءتها و تخرج بخفة على أطراف قدميها حاملة معها قوارير من خلطات الأعشاب.

تتخلى عن أكليل الورد و القلنسوة البيضاء محاولة إخفاء عبير الزهور المتمسك بخصلات شعرها
تعود كما يعرفها الجميع ، طفلة عادية جدًا ، تسمع لرأيهم فيها مرة أخرى فيضيف البعض أنها بلا خبرة فى الحياه و ساذجة أكثر من اللازم و يلزمها الكثير لتصبح مثلهم
تعاود سماع نفس الكلام و تضحك هذة المرة بصوت أعلى
لن تتخلى عن محرابها أو قوانينها ، تمسك مفتاح المحراب الفضى بيديها و تقبض عليه بشدة حتى لا يراه أحد
تواصل السير و تقول فى نفسها ( لن أتخلى عن هذا ، ابدا ! )
فى نهاية الطريق تجد بائع الحلوى تشترى منه الشيكولاتة و تأكلها فى تلذذ ، توشك على المغادرة حينما تسمعه يتحدث إلى زميله بصوت عالى عن سر رائحة الزنابق المنتشرة فى المكان.